الأربعاء، 14 أبريل 2010

لماذا لا نؤمن بالخلق من العدم...!!!


لماذا لانؤمن بالخلق من العدم؟




مرحباً

قضية الخلق من العدم هي احدى اشهر واكثر المواضيع التي يطرحها المتكلمون وبقية


ادعياء الفلسفة، فهم يرون ان الاله او مهما كان اسمه خلق العالم من لاشيء !

نريد في هذا الموضوع ان نوضح بعض الحجج التي تبين السبب الذي يجعلنا لانؤمن بقضية


الخلق وقضية حدوث العالم بعد ان لم يكن شيئاً.

كل حادث زماني مسبوق بقوة ومادة

فكرة المتكلمين عن الخلق هي ان العالم لم يكن ثم كان ! وان الله خلق هذا العالم واخرجه الى


الوجود باعتبار انه على كل شيء قدير ...الخ. فالعالم بناءاً على كلامهم حادث زماني بمعنى


ان فكرة الخلق تتضمن ان يكون العالم حادث بالحدوث الزماني، فالعالم لم يكن موجوداً في


زمان ما ثم وجد بعدها.

الان دعونا نتصور ان كلام المتكلمين كان صحيحاً، دعونا نتصور ان العالم لم يكن.... ولم


يكن هناك اي شيء مهما كان... لا انسان ولا سماء ولا ارض ولا اي شيء سوى الاله


المزعوم وجوده. ومن ثم هذا الالهة قرر ان يخلق العالم في لحظة زمنية معينة بطريقة كن


فيكون العالم بعدها في غمضة عين او في ستة ايام او في ملايين السنين ! لايهمنا الفترة المهم


ان مادة العالم لم تكن موجودة ثم وجدت.

الان اطلب من القارئ التركيز جيداً

لما لم يكن هناك مادة او اي شيء قبل الخلق فان نسبة فعل الخلق الى كل اللحاظ الزمانية


تكون متساوية، معنى هذا الكلام هو انه لايوجد ميـّز يميز هذه اللحظة الزمانية حيث الخلق


عن التي تليها عن التي سبقتها فمادام لايوجد مادة تتميز بها لحاظ الزمان قبل الخلق فان كل


اللحاظ الزمانية تكون متشابهة وسيكون نسبة الفعل الى كل منها متساوياً، ولما لم يكن هناك


مخصص لصدور فعل الخلق في زمن خاص فانه من المستحيل ان يتحقق !

يمكننا التعبير عن هذا البرهان الفلسفي باسلوب ابسط فنقول لماذا خلق الله العالم في هذه


اللحظة ولم يخلقه في اللحظة السابقة او اللاحقة؟ لماذا اختار هذه اللحظة بالذات؟ هل هناك


مايميز هذه اللحظة عن غيرها؟ لابد ان تكون هذه اللحظة مميزة بحيث ان جهة التميز تصبح


مثاراً لصدور فعل الخلق عندها... ولكن لما كان المفروض هو ان العالم معدوم ولايوجد اي


شيء سوى الله فانه لايوجد مميز لهذه اللحظة عن غيرها.

يعني كان من الممكن ان يكون فعل الخلق قد حدث في هذه اللحظة او التي قبلها او التي بعدها


وهكذا ولما كان الامر على هذا الحال من تساوي نسبة الفعل الى كل لحاظ الزمان فان الثابت


عندنا انه لايجوز الترجح بلا مرجح ففعل الخلق الحادث في هذه اللحظة الغير مخصصة بما


يميزها عن غيرها هو ترجح بلا مرجح والترجح بلا مرجح محال عقلي.

اذن كل حادث زماني لابد ان يكون مسبوق بصورة معينة من المادة بحيث تكون لهذه المادة


القوة (القابلية) على التلبس بالصورة الثانية وهكذا تكون المادة والقوة على التحول الى الشكل


الجديد هي المرجح لصدور الحدث في هذه اللحظة الزمنية، على سبيل المثال بيضة الدجاجة


فيها القوة على التحول الى دجاجة فالدجاجة شيء حادث وهذا الشيء الحادث مسبوق بمادة


هي البيضة التي لها القابلية على التحول الى دجاجة.



من عجائب الامور ان البعض يجيب على هذا الاشكال بطريقة مضحكة فعندما تقول له لماذا


خلق الله العالم في هذه اللحظة دون غيرها؟ فانه يجيبك لانه لو خلقها في غيرها لكنت سالت


نفس السؤال وهكذا !


يعني هو يعترف انه لايوجد مايميز لحاظ الزمان عن بعضه ومع هذا يصر على صدق


صدور الفعل بهذه الطريقة ضارباً بالمفاهيم العقلية عرض الحائط !



نحن في هذا الموضوع لانريد ان نناقش اراء شبابية او اراء مسفسطين بل نريد ان نناقش


اعتراضات فلسفية فقط.

جواب القديس اوغسطين



احد اهم الاعتراضات وجاهة هو ماجاء به القديس اوغسطين عن الاشكال المتقدم فهو رآى


ان لب الاشكال قائم على افتراض ازلية الزمان او ان هناك زمان قبل خلق العالم فحتى


يتخلص من الاشكال قال ان الزمان نفسه حادث له بداية وان بداية الزمان هي نفسها بداية


العالم.



ومما يستحق الاشارة اليه هو ان البعض سمع بنظرية الانفجار العظيم وكيف انها تقول بان


للزمان بداية فرآى في هذا الجواب فتحاً مبيناً ونصراً عظيماً وتأييداً علمياً لكلام اوغسطين !



رد جواب القديس اوغسطين



هذا رد سهل جداً على كلام اوغسطين علماً انه بالامكان الرد عليه بطرق مختلفة.


نقول ان كلام اوغسطين يلزم منه التنافي، لان تحت فرض صحة كلامه (ارجو الانتباه


والتركيز جيداً) فان الزمان نفسه سيكون حادث زماني لانه لم يكن هناك زمان قبل خلق


العالم ثم كان هناك زمان بعد خلق العالم فالزمان سيكون حادث زماني.




طيب قلنا ان الحادث الزماني هو ما كان مسبوقاً بعدم في زمان سابق على وجوده ... فحتى


يكون الزمان حادث لابد ان يكون هناك زمان لم يكن فيه الزمان موجوداً !!!!! اي انه لابد


ان يكون عندنا زمان لا زمان فيه ! وهذا تنافي اذ انه فرض وجود وعدم وجود الزمان !


فكلام القديس اوغسطين محال !



بقي ان نرد على المهرجين من انصاف المتعلمين من قراء نظرية الانفجار العظيم.



يجب ان يعلم القارئ انه من الناحية الفلسفية هناك فرق بين الزمان وبين الزمان المطلق،


فالزمان قابل للتقسيم الى وحدات مثل الدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة وكل من هذه


التقسيمات لها بداية ولها نهاية فاليوم مثلاً له بداية زمنية هي الساعة صفر وله نهاية زمنية


هي الساعة 24 وحينما نقول ان اليوم له بداية فهل هذا يعني انه لم يكن هناك زمن قبل هذا


اليوم؟ او انه لن يكن هناك زمن غداً؟



هذه البداية النهاية هي بداية ونهاية منسوبة للتقسيم المجازي الذي قسمنا الزمان اليه ولكن اذا


نظرنا الى الزمان بلا تقسيمات فاننا سنراه كماً متصلاً يرتبط فيه الماضي بالحاضر


بالمستقبل بلا توقف وانقطاع فكل لحظة زمنية تكون مرتبطة بما قبلها ومرتبطة بما بعدها


مثل السلسلة الفولاذية بلا انقطاع ولا توقف وهذه السلسلة التي لابداية لها ولانهاية هي


مانسميه بالزمان المطلق.



نعود الان الى نظرية الانفجار العظيم فنقول ان البداية الزمانية التي تتكلم عنها النظرية


ليست من نمط الزمان المطلق بل هي بداية للزمان فقط مثلما ان اليوم له بداية والشهر والسنة


... ان لحظة الانفجار العظيم لاتعدو ان تكون اقدم لحظة معروفة لنا في سلسلة تطور الكون


المستمر ومجمل البحث الحالي هو حول وضع النظريات لما حصل قبل الانفجار العظيم


والنظريات الحالية تشير كلها الى ازل الزمان وازل العالم معها وان سبب تأخر هذه


النظريات هو عدم وجود نظرية تثاقل كمي مكتملة ولكن نحن لسنا في الظلام تماماً فهناك


الكثير من النظريات التي تخبرك بما كان موجود قبل الانفجار العظيم ... ولكن هذا موضوع اخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق