الأحد، 4 أبريل 2010

قصة الخلق القرآنية و تصرفات الإله الغريبة




لطالما أثارت فكرة خلق آدم الكثير من الدراما لما تحمله من غرائب و عجائب و تناقضات في صياغة القصة لتحل بدرجة امتياز في قمة القصص الخرافية الجميلة التي صاغها الانسان البدائي الأول عن مفهوم الوجود ..و نظرته للكون و الإله .. فبعدما كان يخلق التماثيل و يعبدها و يسجد لها ... تسائل بينه و بين نفسه .. مالفرق بين هذه التماثيل و بيننا ..؟!! فنحن نشبهها بالوجه و اليدين و الصفات .. فلماذا لا تتحرك ؟ لماذا لا تنطق ..؟!

غرق الانسان الاول في التساؤلات الى أن توصل الى فكرة الروح الخفية التي تعيش بين جنبي هذا الانسان و تفارقه عند الموت ... فقد شاهد هذا الانسان الكثير من حالات الاحتضار و شهق الانفاس و خروج الزفرات فظن ان هناك شيء لامادي قد غادر الجسد خاصة أن الجسد لم يتبدل بعد و لم يتحول أو يتحلل بعد ... فالجسم مسجى و لكنه لا يتحرك ... مالسبب ؟!! لابد أنه شيء غير مرئي يحركنا و يعيش فينا و يتركنا عند الموت .. فهذا الشيء يفرقنا عن التماثيل و الاصنام ويميزنا عن الحجارة ... لابد أن يكون شيء خارق ... لا بد ان يكون شيء من قوة خارقة ... لابد أنها الروح ....

الروح ذلك السر الذي حير الانسان القديم و جعله هائم بين الخرافات و الاساطير و بين عالم اللامحسوس و المحسوس و بين الحقيقة و الخيال ...

لذلك سطر الانسان قصة الخلق بمفاهيم مادية بحتة و بقصص غيبية بحتة دمجها بشكل بسيط لتلائم عقله و فكره ..فتذهب به الى حالة من الرضى العقلي الذي سيشعره بالطمأنينة فيما بعد و يصل به الى السكون النفسي عندما تثور تساؤلات الكون و الوجود في عقله ...

فالله خلق جسد الانسان كما كان يخلق الانسان التماثيل ... خلقه من صلصال كالفخار ... فالانسان أسقط على الله مفاهيمه الدنيوية في طريقة عمل التماثيل .. وهو استخدام الماء و الطين ... الى ان يصبح صلصالا كالفخار ... فيتصلب التمثال و يشتد .. و هنا يتدخل العالم الغيبي الذي صاغه الانسان البدائي عن الروح في فكرة الخلق .. فعند جهوزية الجسم من الناحية الشكلية و يصبح صلصالا كالفخار ...و بعد ان يسويه الله بيديه كما يسوي صانع التماثيل تماثيله ... تبقى الروح هي اللغز الذي يفك حيرة هذا البدائي ... فيقوم الله بالاجابة على هذا السؤال و سد الفراغ المعرفي و يتولى الاجابة عن المجهول .. فالماورائيات كانت هي جواب لكل الاجوبة التي احتار فيها الانسان القديم .... فبعد هذا الخلط العجيب بين المادية و اللامادية ظهر لنا الانسان في أحسن تقويم في فكر ذلك الانسان و توصل لحل وجوده أخيرا .. بهذه الفبركة البدائية ....



قصة خلق آدم القرآنية والمغالطات المنطقية :

يقول القرآن ...

(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )

الله يسأل الملائكة .. إني سوف أخلق و أجعل في الارض خليفة يخلفني ....

دعونا نركز على كلمة ( في الارض خليفة .)..

فالله صمم قبل خلق آدم على ان يجعل في الارض خليفة يقيم شرعه و حكمه ... لا نريد الدخول بحاجة الله له أو استغناؤه عنه ... نريد أن نركز على الارض و تصميم الله على خلق انسان خليفة له في الارض ..

دعونا نقرأ الآية التالية :

(وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ ا لشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ " (البقرة 2: 35-38.


نلاحظ في الآية الأولى أن الله أخبر الملائكة أنه سوف يجعل في الارض خليفة .. و لكنه في الآية الثانية يجعل سبب نزول آدم الى الارض هو عصيان الأوامر ؟

أليست هذه فذلكة ؟!!

السبب الأول من خلق آدم هو أنه سيكون خليفة الله في الارض ... فلماذا هذه المسرحية الغريبة من الله و قصة الشجرة التي لا مبرر لها من الأصل ؟!!

لو لم يعصي آدم الله .. و لم يستمع الى إبليس هل كان سيبقى في الجنة أم أن الله سيدبر له مكيدة ليخرجه منها و ينزله الى الأرض ؟!!

هل كان الله يحتاج لسبب لينزل آدم الى الارض و يجعله خليفة ؟ هل يحتاج الله لحجة لعمل ذلك ؟ هل هناك من أحد يبرر الله له فعله ؟ ألم يكن السبب الرئيسي من الخلق هو جعله خليفة في الارض ؟!! فلماذا هذه المسرحية ؟!!


يقول القرآن

(.... يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ )

تقول الملائكة ... يفسد فيها و يسفك الدماء ..؟!!

من أين للملائكة هذه المعلومات المسبقة ؟؟

من اين عرفت الملائكة أن جسم الإنسان يحتوي على دماء ؟

لو قال أحدهم أن الحيوانات أو الجن كانت تسبق الإنسان فيهم دماء.... فهل يلزم أن يكون الإنسان أيضا فيه دماء ؟ أم أنهم عرفوا تشريح آدم مسبقا ؟ !!!

بالرغم من أن الملائكة عرفت أن آدم يتكون من دماء وانه سيسفكها ... و أنه سوف يفسد في الارض .. لم يمنع ذلك من ان يخترع الله مسرحية الجنة و أن يخرج آدم بطريقة دراماتيكية و ينزله الى الأرض ... فلا أدري مما كان يخاف الله لو انه أنزل آدم مباشرة الى الارض خصوصا أن الملائكة تعرف و تشارك الله في علمه المستقبلي أنه سينزل الى الارض كما هو واضح !!!!

دعونا نغوص أكثر قليلا ...

عندما أراد الله أن يخلق آدم اعترضت الملائكة ... لا نريد أن نقول انها اعترضت حتى لا يعترض المؤمنون و لكنهم أدلو بدلوهم كما يقال و قالوا ... كيف تخلق انسان سيسفك الدماء و يفسد ليل نهار .. بينما نحن نسبح بحمدك ونقدسك لك ..!!!

إذن الملائكة قاست علمها على ما سوف يفعله الانسان مستقبلا من معاصي و آثام و سفك للدماء ... على عبادتها فاستهجنت ( ليس حرفيا ) ارادة الله بخلق كائن سيعصيه بينما هم يسبحون له ليل نهار ...

لكن المفاجاة ... أليس هذا عينه ما فعله ابليس أيضا ..!!!

لقد كان ابليس من الجن كما تقول آية ... و من الملائكة كما تقول أخرى ...

(وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين ) (البقرة

(واذ قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا الا ابليس كان من الجن ففسق عن امر ربه) الكهف 50

فبين هذه و تلك .. نلقي النص وراء ظهرنا و نحضر العقل ...

بغض النظر أن ابليس كان من الملائكة أم لم يكن ... المهم ان بالسجود لآدم قد شمله ... فبما أن الأمر قد شمله فقد قاس على آدم ما قاسته الملائكة عليه .... فكما قاست الملائكة على آدم انه سوف يفسد في الارض و يسفك الدماء .. بينما هم ليل نهار يسبحون بحمد الله و يقدسون له ... كذلك الأمر قاس ابليس الأمر على نفسه .. فقد علم أن آدم سيسفك الدماء و يفسد في الأرض ... فرفض السجود له ...

كيف يسجد لآدم من كان ليل نهار مع الملائكة ساجدا قائما عابدا لله ..كيف يسجد و قد علم أنه سوف يفسد في الأرض و يسفك الدماء .... ؟!!!

أليس هذا هو عينه القياس الذي قاسته الملائكة على آدم ؟ فلماذا يسجد ابليس له و هو خير منه ؟
أليس هذا بظلم بل إجحاف للعبد المسمى ابليس ...؟
إن ابليس تصرف بكل حق و بكل حرية ثائرا ضد الظلم و ضد وجه العبودية لغير الله ... ألم يكن ابليس هو الموحد الحقيقي لله ؟
فالملائكة لا يعصون ربهم.. بينما ابليس مخير بين الطاعة و المعصية ... فهو رفض السجود لغير الله .. أليس هذه هي الوحدانية الحقيقية .... ؟

ناحية أخرى ...

لقد كان الأمر للملائكة بالسجود له و كان ابليس إذن خارج هذا الأمر ... فكيف يتم لعنه و طرده على شيء لم يطلب منه أصلا ... ؟

فالأمر للملائكة و إبليس من الجن ... و إن كان الأمر شمله فهو قاس على آدم ما قاسته الملائكة عليه ... فلم يُظلم ابليس و لم يتعدى ....؟!!

لقد صب الله غضبه بشكل لامنطقي على ابليس بسبب تصرفاته الصبيانية الغير ناضجة .. فهو يريد جعل خليفة في الارض و لا أدري ما فائدة سجود الملائكة له ... و لا أدري ما هذا الأمر العبثي .... و بعد ذلك ... بدلا من أن ينزله الى الأرض كما أراد منذ البداية ... يدخله الجنة و يسمح لذلك العدو للتسلل اليهم و يغويهم فتكون تلك الحجة التي ينزل آدم بها الى الأرض ... و لا أدري مالذي منع انزال آدم مباشرة و اختلاق هذه المسرحية المضحكة ...

لقد اختلق الانسان القديم هذه القصص و الحكايات ليسد الفراغات المعرفية التي كانت تنقصه في ذلك الزمن عن معرفة الكون و الوجود .. لكن العجب كل العجب من يزال يؤمن بتلك القصص الى الآن ...

هناك تعليق واحد:

  1. تحليل منطقى صحيح ....يثبث ان القران من تاليف محمد

    ردحذف