مفاصل الانسان
حدثنى عبد الله بن فروخ ، أنه سمع عائشة تقول: إن رسول الله قال: "إن الله خلق كل إنسان من بنى آدم على ستين وثلاثمائة مفصل .فمن كبر الله، وحمد الله، وهلل الله، وسبح الله، واستغفر الله، وعزل حجرا عن طريق الناس، أو شوكة أو عظما من طريق الناس، وأمر بمعروف، أو نهى عن منكر، عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى. فإنه يمشى يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار". رواه مسلم
تفضل مجموعة من الاطباء بوضع هذا المقال على انه اثبات لما جاء في مجموعة احاديث منسوبة الى النبي "صلعم"، ممادعاهم الى شد الحزم والبحث لخلق نتيجة تتطابق مع الحديث فكان ماتوصلوا اليه ان مجموع العظام عند الانسان هي:" : 86+6+66+76+64+62=360
بحث مشترك للأخوة :
أ.د/ شريف أحمد جلال، أ.د/ أحمد عبد المنعم العياط ، د/ مصطفى محمد عبد المنعم
المتابعة والإشراف الشرعي واللغوي فضيلة الأستاذ الدكتور /خليل إبراهيم ملا خاطر". الموضوع الاصلي بكامله يمكن الوصول اليه عبر الرابط الموجود في المصادر
من الملاحظ ان هذا المقال الذي من المفروض انه مكتوب من قبل اطباء، بإسلوب جهدوا ان يكون بصيغة علمية، انه يفتقد الى المصادر العلمية على الاطلاق، وليس هناك مصداقية على الصحة العلمية غير القاب "الدكتور" الذي يحملوه بنفسهم، وهو مصدر غير حيادي وقد اساؤا استخدامه بوضوح وتحيز. فهذا النقص ليس صدفة، كما سنرى من سياق الرد.
، والملاحظة الثانية انهم وضعوا الضوابط العلمية بطريقة تجعلهم يصلون الى النتيجة المرادة، بمعنى انهم وضعوا النتيجة في انابيب الاختبار وهذا الامر يطعن بالتجربة جملة وتفصيلا، ونرى ذلك بوضوح في الضوابط المذهلة التالية:
"تم وضع عدداَ من الضوابط العلمية التفصيلية قبل بدأ العد ثم القيام بعملية الحصر بدقة حيث أن أى خلل فى وضع الضوابط أو فى دقة تطبيقها سيؤدى إلى الخلل فى إظهار الحقيقة الكونية الممثلة فى العدد الفعلى لمفاصل الجسم المشار إليها فى الحديث الشريف وبالتالى عدم القدرة على إظهار مناط الإعجاز كما أن عدم التقيد بضوابط صحيحة ودقيقة علمياَ من الأساس سيفتح باب الطعن على مجال الإعجاز بكامله على أساس أن المتصدين له يلوون أعناق النصوص الشرعية أو الحقائق العلمية لتتوافق حسب أهوائهم."
وكما هو ظاهر فأن الهدف منها هو الوصول الى " العدد الرسولي" كحقيقة كونية، وليس تدقيق فيما اذا كان قول الرسول هو حقيقة كونية. ان مثل هذا الاسلوب هو خرق فاضح لاساليب البحث العلمي.
نقد إعجاز المفاصل:
أولا : تلاعب الموقع بالحقائق العلمية لتتماشى مع الحديث، إذ ذكر ان :
المفصل في الطب هو : التقاء عظمتين مع بعضهما البعض.
لقد قام الموقع بإعادة تعريف المفصل ليناسب الرقم المذكور في الحديث، إذ ان تعريف المفصل هو الالتقاء بين أي عظمتين أو عظمة وغضروف أو غضروفين، وبالتالي فالتعريف الاعجازي - يتيح سهولة التلاعب بعدد المفاصل وامكانية الوصول لأي عدد كيفما تحب .. مثال بسيط:
يدخل في التعريف الجديد للمفصل أي التقاء بين غضروفين ومع ذلك لم يذكر الموقع التقاء الغضروف السادس مع السابع في القفص الصدري (انظر الدوائر الزرقاء في الصورة ) .. أي أن عدد المفاصل الغضروفية في الصدر هي 8 وليس 6.
وفي الاسفل، نرى صورة لجدول مقتبس من الموضوع الاصلي يشار فيه الى تلاعب بعدد اماكن التقاء المفصل في القفص الصدري بالمقارنة مع الواقع، حسب الصوردة ادناه، وهذا مجرد مثال على التلاعب:
ثانيا : تضارب الحديث مع نفسه :
نرى في الجزء الاول من الحديث انه يتحدث عن المفاصل وفي الجزء الثاني ينتقل ليتحدث عن السلامى
المفصل : ملتقى عظمتين مع بعضهما البعض
السلامى : هي العظام الصغيرة الموجودة في أطراف الأصابع ( phalanges, phalanx ) وليست المفاصل
فهل كان الكلام عن السلامي ام عن المفاصل، أم أن محمد صلعم لم يكن يعرف الفرق بينهما، ام شئ اخر؟ وفي معمعمة هذا الالتباس، كيف يمكن لعاقل ان يتجرأ على التفصيل ولااحد يستطيع ادعاء معرفة المقصود؟
ثالثا : نحن نختلف في أعداد مفاصلنا بمعنى أننا لانمتلك نفس العدد من المفاصل والعظام .. كيف هذا؟
1) عندما يولد الطفل تكون عظامه ومفاصله أكثر في العدد من الشخص البالغ .. أي ان عدد المفاصل تختلف في الطفل عن البالغ. 2) مع مرور الوقت ينمو جسم الطفل وتلتحم بعض المفاصل والعظام فيقل عددها بالتدريج .. أي ان العدد يختلف كلما تقدم الشخص في العمر وحتى بعد البلوغ. 3) هناك عدة عوامل تؤثر على عملية الالتحام كالتغذية مثلا، لذا يختلف العدد الناتج بعد الالتحام من شخص بالغ الى اخر 4) في حالات التشوهات الجينية نجد المولود اما ناقص الاصابع او زائد الاصابع 5) هناك أشخاص طبيعيون يمتلكون عظاما اضافية في اجسادهم ( 1 من كل 20 شخص يمتلك ضلعا اضافيا في القفص الصدري ) اذن فالحديث لم يخطئ فقط في عدد المفاصل بل وأخطأ في ادعائه ان لجميع البشر نفس هذا العدد، إذ قال: (( إن الله خلق كل إنسان من بنى آدم على ستين وثلاثمائة مفصل )).
رابعاً : معظم مفاصل الجمجمة المذكورة ليست مفاصل انما تعرف باسم )suture( , و هى عبارة عن فوالق من نسيج ليفى تكون موجودة عند الولادة ثم تختفى تدريجيا مع التقدم فى السن , و بذلك لا يمكن اعتبار هذه الفوالق مفاصل لا بالتعريف العلمى و لا حتى بتعريف الموقع الذى تنقل عنه اذ على حد قول هذا الموقع:
لا يدرج فى هذا الإحصاء المفاصل الغضروفية الأولية والتى تتكون من عظام يحيط بها غضروف حيث يتعظم هذا الغضروف فى سن مبكر بحيث تلتحم هذه العظام تماماَ بغير فاصل بينها
اى ان العظام التى تلتحم مع تقدم العمر لا يمكن اعتبار ما بينها مفاصل على حد ما ورد بهذا الموقع , و هو ما ينطبق على عظام الجمجمة
كذلك يعتبر هذا الموقع ان منابت الاسنانDENTAL GOMPHOSIS هى مفاصل و هو امر بلا اى اساس علمى او منطقى. فاذا حذفنا منابت الاسنان و فوالق الجمجمة لا يتبقى لنا سوى مفصل الفك, TEMPRO-MANDIBULAR JOINTS , و عددها اثنين ,و الINTER OSSICULAR JOINTS وعددها 4 , و اذا اضفنا mandibular symphysis(مع العلم ان الموقع نسى ذكره) , يصبح لدينا 7 مفاصل بالجمجمة لا اكثر.
لا اعرف اى مصدر علمى يعتبر فوالق الجمجمة او منابت الاسنان مفاصل، كما ان موقع الاعجاز نفسه لايقدم اي مصادر علمية تسند ادعاءته.
خامساً : يذكر الموقع ان المفاصل بين فقرات العمود الفقرى INTERVERTEBRAL JOINTS عددها 69 و لا اعرف من اين هذا العدد فلدينا 7 بالرقبة و 12 بالصدر و 5 بالبطن , اى ان المجموع 23 فقط , اما فقرات العجز (5)و العصعص(3) فهى تلتحم مع بعضها لتصبح فى النهاية عظمتين بينهم مفصل واحد , و حتى لو اضفنا هذه الفقرات ال8 يكون المجموع 32، اما إذا اعتبرنا ان كل مفصل من هذه المفاصل الملتحمة هو 3 مفاصل، كما لو لم يلتحم، فسوف نحصل على هذا رقم 69 و لكن سبق و ان ذكر الموقع ان التقاء نفس العظمتين فى اكثر من موقع يجب إعتباره مفصل واحد بغض النظر عن عدد الالتقاءت. اقتباس من الموقع اياه:
تم اعتبار الاتصال بين عظمتين كمفصل واحد حتى لو تم الاتصال في أكثر من موقع .
اى ان واضعى هذا الاحصاء اعتبروا التقاء نفس العظمتين عدة مرات فى اكثر من موضع على انه التقاء واحد وبالتالي مفصل واحد لا اكثر , و على الرغم من ان هذا الكلام لا اساس علمى له الا اننا نجدهم التزموا به احيانا و تحرروا منه احيانا دون قاعدة محددة تضبطهم غير الرغبة في الوصول الى الرقم المسبق، كما جرى الاشارة الى هذا سابقاً, و اليكم امثلة اخرى:
ان المفصلين السابقين هما بين الضلوع و فقرات الظهر اى ان الضلع يلتقى بالفقرة المقابلة له مرتين مرةCOSTO-VERTEBRAL JOInTS, و مرة COSTO-TRANSVERSE JOINTS , فلماذا تم العد مرتين؟
كذلك SUPERIOR TIBIO- FIBULAR JOINT وINFERIOR TIBUO FIBULAR JOINT فهم مفصلين بين نفس العظمتين
كذلك ال lumbosacral joints , كذلك SUPERIOR RADIO-ULNAR JOINT و INFERIOR RADIO-ULNAR JOINt
COSTO-VERTEBRAL JOInTS COSTO-TRANSVERSE JOINTS سادساً : مغالطة اخرى فى عظام القفص الصدرى: MANUBRIO STERNAL JOINT XIPHISTERNAL JOINT
هذه المفاصل تلتحم و تتحول الى عظمة واحدة متصلة , فلماذا اعتبرت مفاصل؟ الم يستثنى اصحاب هذه الاحصائية، هذا النوع من المفاصل، حسب قواعدهم نفسها؟
إن نقاط ضعف هذه الدراسة كبيرة للغاية ولاتحفز الثقة، واهم مواطن الضعف:
اولا : وضع تعريف مطاطى لكلمة مفصل بحيث نحصل على مئات الاجزاء التى يمكن ان نسميها مفصل .
ثانيا : نختار من هذا العدد الضخم 360مايناسبنا و نقوم بوصفها و عدها .
ثالثا : لا مانع من التحرر من الضوابط التى وضعناها ( دون مراعاة اى سند علمى لا فى وضع هذه الضوابط او فى خرقها، وقد وضعت على مايبدو فقط من اجل إعطاء الانطباع بوجود قواعد علمية )، والهدف: الوصول الى الرقم كما ورد فى الحديث بالضبط .
رابعا : الاعتماد على ان من يرغب بالتصديق سوف يصدق اى شئ مادام باسم الدين , واغلب الناس لن تقوم بالتمحيص..
بفضل البحث في جوجول تمكنا من الوصول الى موقع واحد يقول بأن عدد العظام هو 360، وهو موقع للطب الصيني الشعبي، الذي سبق الاسلام بقرون:
وتجدون الموقع الصيني هنا اما بقية المواقع الاخرى فلم تذكر هذا الرقم او حتى رقم قريب منه , بل تراوحت عدد المفاصل المذكورة فيها ما بين 86 و 260 اى انها اقل من الرقم الاسلامى بحوالى مائة مفصل على احسن تقدير،. وهنا مجموعة من الروابط الى هذه المواقع :
Movement on Land
Basic Capabilities
nation's primary crippler
200 joints in the human body
ان اختلاف عدد المفاصل بين هذه المواقع يرجع الى اختلاف تعريفها للمفصل , فالبعض يعتبر ان كل التقاء لعظمتين هو مفصل بينما يشترط اخرون امكانية حدوث حركة حول هذا الالتقاء قبل اعتبار هذا الالتقاء مفصل.
و لكن لو أخذنا فى الاعتبار التعريف الاكثر شمولا لوجدنا ان اكبر عدد يقدر بأقل من 300 مفصل .
ان جسم الانسان يحتوى على 206 عظمة تقريبا , و اذا علمنا ان وجود مفصل يستلزم التقاء عظمتين على الاقل لادركنا كيف ان عدد المفاصل لا يمكن ان يتعدى عدد العظام بهذا الفارق الضخم.
اخيراً : ماالذي قدمه لنا هذا الحديث باخبارنا بعدد المفاصل؟ بمعنى اخر ماهي الفائدة العلمية او الغير علمية التي عادت على الامة، عبر العصور، من معرفتنا لهذا العدد، والذي استحق عليه لقب الاعجاز؟
جزء مقتبس من مقابلة صحفية بين الصحفي Todd Pitock وزغلول النجار لمناقشة الاعجاز العلمي، ظهر بنتيجتها خطيئة زغلول القاتلة بشأن عدد عظام الانسان (ترجمة وتعليق براين يوزر):
العلم والقرآن في تعارض – تود بيتوك
في جميع أنحاء العالم – بغض النظر عن الثقافة أو اللغة- يخضع العلم للأسس والنظريات العلمية، أما في الكثير من البلاد الإسلامية فإن العلم يخضع للقرآن.
كانت هذه هي مقدمة الموضوع الطويل الذي نشرته مجلة ديسكفر الأمريكية عن علاقة الإسلام بالعلم. وقد بدأ الصحفي موضوعه بلقاء مع د/زغلول النجار في صالون الفيلا التي يقطن بها في المعادي (أرجو أن يكون قد اشتراها من عائد عمله بجامعات انجلترا وليس من مصيبة الإعجاز العلمي). لشديد الأسف فقد بدأ د/زغلول النجار حديثه مع الصحفي بكذبة كبيرة (وكأنه يظن أن الصحفي هو أحد دراويش المسلمين الذي سيصدق كل كلمة يقولها) وذلك حين قال له بالحرف "إن جميع المعارف العلمية في العالم هي مستمدة في الحقيقة من الحضارة الإسلامية" (وكأنه لم توجد حضارات صينية وفرعونية ويونانية وفينيقية وغيرها أضافوا جميعا للعلوم!). ثم اردف د/زغلول كذبته بكذبة أخرى أكثر بشاعة حين قال إن الرسول قد أمر المسلمين أن يطلبوا العلم من المهد الى اللحد (لعل فضيلته لايعلم أن تلك الحكمة ليست حديثا نبويا!).
استطرد د/زغلول النجار قائلا للصحفي بالحرف "إن تخلفنا ليس بسبب الإسلام ولكنه بسبب مافعله بنا الأمريكان والإنجليز" (وكأن الأمريكان والإنجليز كانوا سبب سلسلة التخلف التي سادت مصرالإسلامية طوال قرون عديدة حتى استيقظ الشعب المسكين مذهولا أمام كتب الحملة الفرنسية التي كانت صفعتها له أشد إيلاما من طلقات مدافع الفرنسيين!).
في النهاية أكد د/زغلول النجار للصحفي إنه –كعالم- يرى أن حضارتنا الإنسانية تتعرض للخطر على يد الحضارة الغربية (وليست الحضارات الشرقية) وذلك بسبب اعتراف الغرب بالشواذ جنسيا. ثم أكد د/زغلول النجار للصحفي إن الكوارث الطبيعية التي تجتاح العالم هي عقاب إلهي لسكان تلك المناطق المنكوبة. فلما سأله الصحفي عن السبب أن الله قد اختار أن يعاقب أندونيسيا (وهي أكبر بلد إسلامي) بدلا من لوس أنجليس أو فلوريدا أجابه د/زغلول النجار قائلا إن السبب هو أن سكان أندونيسيا كانوا يسمحون للسياح الغربيين بممارسة الرذائل على أرض أندونيسيا!
في النهاية أعطى د/زغلول النجار للصحفي ثلاث كتب من تأليفه تتحدث جميعا –بالطبع- عن الإعجاز العلمي، وقد أبدى الصحفي في مقالته عدة ملاحظات على ماورد بتلك الكتب فقال إن د/زغلول النجار كثيرا مايلجأ لتقنية أصبحت شهيرة بين حواة الإعجاز العلمي وهي أن يستند كل منهم الى الآخر كمرجع (use each other as sources) وبذلك يعطون انطباعا للقاريء البسيط الغير مدقق أن أعمالهم تحمل قيمة علمية. ثم اشار الصحفي الى أن مشكلة دعاة الإعجاز العلمي هي أنهم بدلا من أن يبحثوا ليصلوا لنتائج منطقية (كما يفعل العلماء في جميع أنحاء العالم) فإنهم يختارون النتيجة التي يريدون الوصول اليها من القرآن ثم يحاولوا تطويع الحقائق العلمية لتتوافق مع النتيجة التي يريدون الوصول اليها. وقد أعطى الصحفي عدة أمثلة من الكتب التي أعطاه إياها د/زغلول النجار فقال مثلا إن د/زغلول يشير في أحد كتبه الى أن عدد مفاصل جسم الإنسان هو 360 مفصلا وأن هناك حديث نبوي يشير الى ذلك ممّا يعد دليلا على صدق نبوة الرسول، فيعلق الصحفي على تلك الخدعة قائلا إن المصادر الطبية تحدد عدد مفاصل الجسم بحوالي 307 مفصلا ولكن دعاة الإعجاز العلمي لايتوانون عن عدّ أشياء أخرى في الجسم (ليست مفاصل) لكي يصلوا للرقم 360.
شكرا لقرآءة المقال .